حوار مع شاعر الرسول الدمشقي
حوار: هبة الشعراوي
غازي الحمود من مواليد دير الزور بدمشق ١٩٧٥، ولد علي ضفاف نهر الفرات ودرس بمدارسها حتي حصل على الشهادة الثانوية العامة و امتهن التدريس الصفي قرابة ١٠ أعوام ومن ثم امتهن العمل في الصحافة بين الصحف السورية قرابة خمسة عشر عامًا مشيرًا إلى أن كل ذلك زرع في قلبه الحب الذي فتحت له أم الدنيا مصراعيها عبر صحيفة عريقة اسمها الجمهورية اليوم وعبر دار نشر تمثلت لغة القرآن الكريم شعارًا وعنوانًا لها “فصحي للنشر والتوزيع”
وتحدث عن كونه داعيه حيث هو إمام وخطيب في وزارة الاوقاف السورية وهو طالب علم وآثر أن يكون على مقاعد الدراسة بعد أن وهن عظمه واشتغل رأسه شيبًا لذلك هو لا يتواني إلا أن يكون طالبًا في كلية الشريعة جامعة دمشق وهو في السنة الثالثة وقد قال بأن هذا لا يعيبه بل على النقيض يفتخر به وكذلك هو في الصف الخامس الشرعي في معهد الفتح الإسلامي ويفتخر بذلك، كما يخطط لتأسيس مؤسسة خيرية للطباعة والنشر.

وأضاف : عام ١٩٨١ كان لديه ستة سنوات وأعجبت والدته رحمها الله يومها به عندما عاد إلى المنزل وقد حفظ جزء ألف باء كاملًا وهو تعلم الحروف والقراءة في مدن نهر الفرات في يوم واحد ومالبث أن انتهى صيف ذاك العام حتى حفظ ربع ياسين بأكمله.
وتحدث عن الرسالة التي يريد توجيهها دائمًا من خلال دواوينه والكتب الخاصة به والتي قالها عبر المنبر والتدريس وفي أقلامه والتي تنص على ” أننا نحن في نهر الفرات وفي بردى وفي النيل ودجلة والليطاني ونهر الاردن وذلك الحصان العربي في كل أقطاره، علينا أن نتعلم ونواجه بالعلم كل الصعاب”.
وقال مشيرًا لكيفية اتجاهه لمجال الادب حيث بدايةً من عمر الثماني سنوات والدته رحمها الله كانت تأخذه إلى المراكز الثقافية وتدفع له أجرة المجلات في ليرة سورية واحدة والتي حينذاك كانت تعادل جنيه لمدة أسبوع ثم أصبح يُعد نشرات الأخبار في الإذاعة المدرسية الصباحية وهو بالصف الخامس وبعدها صار يشارك في الندوات والمسابقات المدرسية وقال لاسيما يتوافق هذا الاتجاه المميز مع يوم الاحتفال العالمي بلغة القرآن الكريم لغة فصحي يوم ١٨ ديسمبر والذي خُصص هذا العام بلغة الشعر والفنون.
مضيفًا : ولعله من قبيل الشكر لله تعالى ان يكون لقائه مع جريدة الجمهورية توداي هو اليوم والعالم أجمع يحتفل بلغة القرآن الكريم.
وشمل في حديثه الصعوبات مضيفًا بأن الصعوبات شيءٌ حقيقي ويندرج تحته كل ما يقف في طريق أي شاب عربي نشأ هذه النشأة حيث الدراسة ومتطلبات الحياة والعمل المرافق للدراسة وفي كل حياته والزواج ومشروع المستقبل وما بعد ذلك.

مستكملاً كلماته حول كيفية مواجهة الصعوبات والتغلب عليها قائلاً من تلك الناحية نعم
اما من كل النواحي الاخري فهذا لاينبغي أن يكون ولكن يسعى إلى ما يجب أن يكون؛ حتى يؤدي الرسالة التي وُجد على هذه الأرض من أجلها وهي استخلافه عز وجل في الأرض وعبادته وإن وصل أي منا إلى هذا الإيمان يكون قد استطاع أن يتغلب على كل ما يقف في طريقه من عواقب.
فليعمل كل منا ما يريد على هذا اليقين وسيجد نفسه ناجحًا في كل معايير الحياة وهذا النجاح لا يتعلق بالمال فالمال لا يولِّد النجاح وإنما العكس وهذا حقيقي فلن يولد أي شخص منا في فمه ملعقة من ذهب.
وقد شارك في جائزة زايد للكتاب دورة ٢٠٠٣، مسابقة كاتارا لشاعر الرسول دورة ٢٠٢١، وشارك بمسابقة كاتارا للغة العربية والقرآن الكريم ٢٠٢٢ عن كتاب المعجز الكبير في تفسير كلام الله القدير ومسابقة كاتارا ٢٠٢٣ للرواية العربية غير المنشورة.
وتحدث عن ديوانه “زاد الأنين” قائلًا: زاد الأنين علي حتى أنه صار الأنين على الأنين توهما مشيرًا إلى أنها حالة حزن انتابته لوفاة شخص عزيز على قلبه وهو نفس الديوان الذي أطلق عليه فيما بعد دمشق واختار هذا الإسم حيث دمشق الروح، دمشق القلب و دمشق بردى، دمشق ساحة الأمويين والجامع الأموي دمشق التاريخ والحضارة دمشق أطلق منها في يوم من الأيام إذاعة صوت القاهرة من دمشق.
وتحدث عن عمله هذا العام وهو رواية “حليمة” والتي يتم إصدارها نسبة لدار نشر فصحي للنشر والتوزيع وتحدث عن اختصاص هذه الرواية بهذا الإسم حيث حليمة جدة والدته التي يتذكرها وقد أهدته عقد من الأحجار وقد كان عمره آنذاك لا يتجاوز الأربع سنوات وزوجته كذلك اسمها حليمة وقد أهدته كل شيء
مضيفًا بأن الرواية مستوحاه من الواقع ولاسيما قصص الحب التي تحدث على قنوات التواصل الاجتماعي والتي حلها يفشل لذلك اطلق رواية “حليمة” لغايات ثلاث وسوف يتعرف الجميع على هذه الغايات بعد حفل الانطلاق بالمعرض بمشيئة الله ولكنه يود القول بأن هذه الرواية جاءت معالجة لهذا الواقع الذي نعيشه اليوم وتعيشه النساء في كل العالم من جهة ونساء الوطن العربي من جهة أخرى.
وقال الجزء المفضل له في عملية كتابة الرواية “حليمة” كان لكل زوجين؛ أول زواجهما احتفال خاص بهما قد يدوم ساعات وأيام أو شهر أو قد يدوم طيلة الحياة بينهما؛ وهذا الجزء من الحياة الزوجية يسمى بشهر العسل.
وقد تطرق في الرواية إلى مثل هذه الظروف التي قد يتعرض لها كل زوجين في كل زمان ومكان.
وقال مشيرًا للتحديات بأن أصعب تحدي قد يواجهه اي شخص مننا هو الزمن؛ الزمن مثل البرق والرعد كلما ترد فكرة عن فكرة كلما تزداد التعابير فيبدأ القلم بالتحرك لوحده لا ينتظر العقل والقلب ليكتب.
مضيفًا أن هذا حقيقي حتى عند الإجابة على اي سؤال ليس من عقله ولا تفكيره وانما من أصابعه التي ارتبطت بالعقل والقلب وترجمت هذا الارتباط على الورق.
وقال التحدي الثاني هو المجتمع؛ يكتب و عمره ٤٧ ونصف ومن اول قصيدة كتبها وهو ابن أربعة عشر سنة لليوم يجد السخرية والحسد والحقد احيانًا وقليلًا من التشجيع في أحيانٍ أخرى.
أما بالنسبة للتحدي الثالث وهو الحالة الاجتماعية؛ اي العزوبية او الزواج أو الأسرة او الحب او العلاقات من حولنا، كل هذا له ثمنه وله حساباته في مجتمعاتنا؛الثأرية أو الغزلية أو الهزلية او الأمية أو حتى في الاغراض التي كانت في الجاهلية او عصر المخضرمين والإسلام والرثاء والفخر وحتى الهجاء ليكون التحدي الأكبر ربط الصلة بينهما مع الحاضر اليوم وهذا قلما نجده عند كتاب أدبنا الحديث.
مشيرًا للتحدي الرابع حيث الوضع المادي وتعمد وضعه أخيرًا مع أنه قد يظن البعض أنه أول التحديات ولكن ليس كذلك والدليل كم من كاتب تأخرت رواياته حينًا حتى بعد موته وظل مجاهدًا ولم يستسلم ولم يتوقف عن الكتابة ولو لم يجد من يتبنى فكرة روايته وكم من كاتب سبقت رواياته عصوراً قبله لذلك هو لا يطعن بهذا التحدي ولا ينهره ولكن له حقه، بالفعل الوضع المادي عائق كبير ولكن ليس بالمستوى الذي يجعلنا نستسلم ولو استسلم من البداية لما كانت هذه الكتب الاربعة بين يديه وهذا العمل الذي نتحدث عنه “حليمة”.
وتحدث عن الاهداء المميز الخاص بالرواية والذي يهديه الي زوجته وأم أولاده الغالية على قلبه والي يوم الدين وهي بجانبه ولها كل تحياته.

وتحدث عن وجهة نظره في المبادرات التي تقوم بها وزارة الاوقاف لتشجيع الدعاة على التواصل مع الشباب والشابات وفهم تطلعاتهم مجيبًا بأن هذا مهم والجواب عليه لا يتعلق بوزارة الأوقاف السورية فقط بل السورية والمصرية والإماراتية والسعودية وكل وزارات الأوقاف في العالم الإسلامي؛ فالجهود الكبيرة التي تقام من مسابقات حفظ القرآن الكريم والمنظومات الشعرية والشاطبية والفية ابن مالك وشرح ابن عقيل تقوم به وزارة الأوقاف السورية وكان معاهدها خلية نحل تقوم على ما دعا إليه أبو هريرة رضي الله عنه بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الأعلى حينما ذهب الى السوق وقال: (ميراث محمد صلى الله عليه وسلم يوزع في المسجد)؛ بالطبع كان يقصد حلقات العلم.
وهذا بحد ذاته الدور الذي قامت به وزارة الأوقاف السورية لتأهيل جيل مؤمن بالله وشعاره الوسطية والاعتدال وهذا موجود عند المصريين في الأزهر الشريف وتمني أن يكون موجودا في جميع البلاد الإسلامية التي ذكرها على سبيل المثال لا الحصر ليعم بعد ذلك إلى كل العالم الإسلامي.
وتحدث عن مصادر الهامه في كتابة رواياته وقصائده والكتابة بشكل عام قائلا:
اولا: القرآن الكريم كانت كلماته توجهه وكأنه يقرأ عن نفسه
ثانيا: الكتابة وبالعموم المطالعة فكما والدته رحمها الله شجعته على ذلك كان والده رحمه الله يحضر له دواوين الشعر من وظيفته يقرأها ويعيدها ويحضر غيرها وظل هذا الامر سنوات ومما لا شك بعدهم التربية المسجدية والشيوخ الذين تتلمذ على يديهم وارتباط العلم بالعمل.

وقال مشيرًا لرؤيته في مستقبل الأدب أن الأدب في تطور مستمر ولا يعني هذا أنه يتجدد وإنما يتمدد ليتعدى قرونًا سالفة فهاهو ابن مالك رحمه الله وضع الألفية وجاء ابنه شرحها وفندها تلميذه حتى وصلت إلى ما نحن عليه اليوم وهذا بحد ذاته تطور في اللغة يصل الى الأذهان ” كيف ان لغتنا العربية الأبية ستظل حاضرة بيننا”
لغة اذا وقعت على أسماعنا
كانت لنا بردا على الأكبادِ
ستظل رابطة تؤلف بيننا
وهي رجاء لناطقٍ بالضادِ
وقال مشيرًا للانتقاد بأنه لا يوجد انسان كامل؛ الكمال لله وحده ولا يوجد كتاب كامل إلا القرآن الكريم.
ثانيا أي نقد يُوجه له يستقبله برحابة صدر ومهما كان ومن أي كان ما لم يمس شخص معين بحد ذاته فهذا لا هو ولا أي إنسان على الأرض مهما كانت جنسيته ولأي كتاب يتقبله.
ثالثا يستوي عنده كل أنواع الانتقاد مهما كان والتجارب ستثبت ذلك.
وتحدث عن مدي رضاه على ما وصل له إلى الآن مضيفًا الرضى والحب وجهان لعملة واحدة
فكل إنسان اذا كان يعمل ما بحب سيرضى به ولكن الرضى إلى ما توصل إليه المرء الآن هذا أمل قد لا يحصل عليه فلا يجب أن يرضى المرء بما يصنع وإنما يجب أن يصنع ما يرضي الله ثم الآخرين وعلامات هذا الرضى تجعله يرضى بما وصل إليه مستشهدًا بشعور أبا بكر رضي الله عنه بأنه شعور عظيم عندما قال له النبي صلى الله عليه وسلم” إن الله راض عنك فهل أنت عنه راضٍ”

ووجه نصيحة للشباب الذين يرغبون في كتابة الروايات والدواوين بأنه يقول لنفسه اولا وينصحها ثم ينصحهم ، اولا: كل واحد منا انا وانت وانتم وانتن وانتي رواية يعيشها فلا تكتب في حياتك ما يشوه صورتها لأنها رواية صافية كالماء الزلال ومثل الكرستال إن أصبتها بشائبة كسرتها وإن لمعتها أشرقت كالشمس فاجعل حياتك شمس مشرقة تكن روايتك كذلك
ثانيا: الشعر له أصوله وقواعده كما لكل علم قواعده فأنت لن تستطيع أن تتقن العمليات الأربع ما لم تحفظ جدول الضرب والشعر له قواعد مالم تحفظها لن تستطيع نظمه ولكن ان قرأت كل يوم ألف بيت من الشعر فبعد شهر ستصبح قارضا وبعد سنة ستصبح ناطقا وبعد عشرة ستصبح شاعرا.
وقال: منذ عام ٢٠٠٦ وهو يواظب على زاوية في صحيفة الكترونية اسمها أزورا الفرات ويوم استشهد المخرج السينمائي الشهيد مصطفى العقاد رحمه الله تأثر له كثيرا ولكم أن تتصوروا رجل مثله يأتي من اميركا الى الأردن ويحضر حفل زفاف ابنته وتنفجر بهم مكان الحفل بسبب عبوة متفجرة وضعها الصهاينة فقط لأنه عزم على إنتاج فيلم لخالد بن الوليد،وكلنا شاهد فيلم الرسالة ولكن لم يعش أيًا منا ما عاشه العقاد أثناء تصويره الفيلم والفيلم له أسرار عظيمة وضعها في احدي مقالاته
ومن اسرارها الموسيقي التصويرية للفيلم على الرغم من أن الملحن كان ايطاليًا على ما يعتقد إلا أن العقاد جعله يلحن صوت الأذان وهذا سر عظيم من أسراره.
مضيفًا: العقاد لم يكن مخرجًا بل كان خالقًا لفيلم، ومن أسراره أنه عندما عُرض عام ١٩٧٩ على ما يذكر مما كتب عُرض في ٧٠ ألف صالة بالعالم بوقت واحد وباللغتين العربية والانكليزية وأسلم ساعتها فقط أكثر من سبعين ألف شخص لم يكونوا مسلمين من قبل
ومن الأسرار في الفيلم ان العقاد كان يصور اللقطة باللغة العربية ويصور نفس اللقطة باللغة الانكليزية، احيانا بنفس الممثلين وأحيانا بغيرهم كان هدفه رحمه الله ان يظهر حقيقة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وحقيقة الإسلام التي شوهها اليهود والغرب في العالم ونجح؛ وكانت النتيجة استشهاده

واختتم حديثه بنصيحة لكل القراء وليس فقط القارئ الذي يتابع رواياته بأن قال:
١. أن لا تحكم على ما تقرأ من خلال ظواهر النصوص فقط بل حلل ما بين السطور لتكتشف الهدف الحقيقي من الرواية وهذا شرط لا يتحقق من غير أن يعيش الرواية نفسها.
٢. الثاني لا تحكم على الكاتب من خلال ما تقرأ في روايته فأنت لا تعلم كم مضت من السنين هذه الحروف واستحالت الى كلمات وسطور وفصول وأجزاء حتى وصلت إليك بهذه الحليّ الجميلة لتستمتع فيما تقرأ وتأخذ العبرة مما تقرأ وتتعلم من أخطاء الآخرين لأن الرواية كتبت من اجلك لا لتعلمك فأنت تعلم. الخطأ من الصواب؛ وانما كتبت من أجلك لكي لا تكرر الأخطاء التي وقع فيها أبطال هذه الرواية.
ووجه الشكر لله العلي القدير فالفضل له دائمًا وأبدًا و أحب أن يذكر رجلًا لولاه لما كان هذا الحوار ولما خرجت الرواية إلى النور، وهو شيخه وأستاذه الدكتور الداعية الكبير محمد خير الطرشان حفظه الله تعالى.
وأولاده الحلوين وملهمته وزوجته الغالية.
واختتم بشكره والديه رحمهما الله ويُبشر برواية معرض القاهرة ٢٠٢٥ تحت عنوان أمي.
وشمل في شكره صحيفة الجمهورية توداي وتقدم بالشكر لدار فصحي للنشر والتوزيع التي سنحت له هذه الفرصة في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
اقرأ أيضًا: حوار مع إسماعيل عثمان من جمهورية تشاد