الجمهورية توداي
جريدة شبابية مستقلة

تمرد في صفوف جنود الاحتياط بسلاح الطب الإسرائيلي بسبب حرب غزة

تمرد في صفوف جنود.الاحتياط

كتب «هلال العزقه»

أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن العشرات من جنود الاحتياط في سلاح الطب أعلنوا رفضهم العودة للخدمة العسكرية والمشاركة في العمليات القتالية بقطاع غزة. وذكرت الهيئة أن هؤلاء الجنود، الذين يحملون رتبًا تصل إلى مقدم وما دون، ويشملون أطباء ومسعفين ومسعفين مقاتلين، وقعوا عريضة يعلنون فيها رفضهم لاستمرار الحرب في القطاع، مستندين إلى عدة أسباب رئيسية، أبرزها الدعوات التي أطلقها بعض المسؤولين الإسرائيليين للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين في غزة والدعوة إلى توطينها، وهو ما وصفوه بانتهاك صارخ للقانون الدولي.

 

رفض للخدمة العسكرية بسبب مواقف سياسية وإنسانية

 

أوضح الجنود الموقعون على العريضة أن السبب الرئيسي وراء قرارهم هو ما اعتبروه تجاوزًا صارخًا للقانون الدولي والمبادئ الأخلاقية للحرب، حيث يرون أن أي محاولات لتوطين الإسرائيليين في أراضي الفلسطينيين المستولى عليها تُعد جريمة وانتهاكًا للقوانين الدولية. وأكدوا أنهم لن يكونوا جزءًا من أي تحركات تساهم في تنفيذ هذا المخطط، مما دفعهم إلى اتخاذ قرارهم بعدم الاستمرار في الخدمة الاحتياطية.

 

إلى جانب ذلك، أشار المحتجون إلى أن الحرب المستمرة منذ شهور لم تحقق أي تقدم ملموس، خاصة فيما يتعلق بملف الأسرى والمحتجزين. فقد أكدوا أن عدم إحراز تقدم نحو تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة “الرهائن” يزيد من معاناتهم ويجعل استمرارهم في الخدمة أمرًا غير منطقي. وأوضحوا أن بقاء الوضع على ما هو عليه لا يخدم إلا أجندات سياسية معينة، بينما يدفع الجنود الثمن الأكبر على المستوى النفسي والإنساني.

 

حرب مستمرة بلا هدف واضح

 

واعتبر الجنود الرافضون أن الحرب في غزة طالت أكثر مما ينبغي، مشيرين إلى أنها تجاوزت أي منطق عسكري أو سياسي. وقالوا إن استمرار العمليات العسكرية من دون رؤية واضحة لإنهائها يضر بالمدنيين على الجانبين، إذ تتزايد أعداد الضحايا الفلسطينيين بشكل كبير نتيجة للقصف الإسرائيلي المستمر، فيما يعاني المجتمع الإسرائيلي أيضًا من تداعيات نفسية واجتماعية خطيرة.

 

وأضاف الموقعون على العريضة أن ما يشهدونه من دمار وقتل يومي يترك أثرًا نفسيًا بالغًا عليهم، حيث إن تعرضهم المستمر لمشاهد العنف والموت والدمار يولد لديهم صدمات نفسية شديدة يصعب تجاوزها. واعتبروا أن ذلك يؤدي إلى “تدنيس الصورة الإنسانية” لهم كأفراد، حيث يُجبرون على المشاركة في عمليات لا تتوافق مع قيمهم الأخلاقية والإنسانية.

 

دعوات إلى وقف إطلاق النار وإتمام صفقة الأسرى

تمرد في صفوف جنود.الاحتياط

في عريضتهم، دعا الجنود إلى عدم الاستسلام للضغوط العسكرية والسياسية، وشددوا على ضرورة المضي قدمًا في صفقة “الرهائن” لضمان الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين. وأكدوا أن السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو وقف إطلاق النار والانتقال إلى مرحلة جديدة من المفاوضات تضمن التوصل إلى حل دائم يُنهي دوامة العنف المستمرة منذ سنوات.

 

يأتي هذا التطور في وقت استأنف فيه الجيش الإسرائيلي قصفه المكثف على قطاع غزة في 18 من الشهر الجاري، بعد انتهاء الهدنة المؤقتة التي استمرت لمدة شهرين. وقد شهدت تلك الفترة بعض الهدوء النسبي في العمليات العسكرية، إلا أن انهيار الاتفاق أدى إلى عودة القتال بوتيرة أعنف، مع تصاعد الخسائر البشرية بين الفلسطينيين واستمرار معاناة الأسرى الإسرائيليين وعائلاتهم.

 

تصاعد التوترات داخل الجيش الإسرائيلي

 

لا يُعد هذا التمرد الأول من نوعه داخل الجيش الإسرائيلي خلال هذه الحرب، فقد سبق أن صدرت تقارير عن حالات رفض للخدمة العسكرية من قبل بعض الجنود، خاصة في الوحدات التي تتعرض لضغوط نفسية هائلة. وتثير هذه الاحتجاجات قلق القيادة العسكرية الإسرائيلية، حيث تعكس تراجع معنويات الجنود وإدراكهم المتزايد لعدم جدوى الحرب.

 

ويرى محللون أن تصاعد الرفض الداخلي قد يضغط على الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ قرارات جديدة بشأن استمرار العمليات العسكرية في غزة. وفي ظل غياب أفق سياسي واضح للحل، تزداد الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه بين مؤيد لاستمرار الحرب بحجة “تحقيق الأمن”، ومعارض يرى أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.

 

انعكاسات أوسع على إسرائيل والمجتمع الدولي

 

تزامن هذا التمرد مع تزايد الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب عملياتها العسكرية في غزة. فقد أعربت العديد من الدول عن قلقها من تصاعد العنف واستهداف المدنيين الفلسطينيين، في حين تتزايد الضغوط على حكومة الاحتلال لإنهاء القتال والعودة إلى طاولة المفاوضات.

 

في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن إسرائيل من احتواء هذه التصدعات الداخلية والضغوط الخارجية، أم أن رفض جنود الاحتياط للخدمة سيكون بداية لموجة أوسع من الاعتراضات قد تعيد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في المرحلة المقبلة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.