تأثير خفض المساعدات الأمريكية
كتب «هلال العزقه»
ترك قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بخفض المساعدات الخارجية أثرًا عميقًا على القارة الأفريقية، حيث تعتمد العديد من الدول الأفريقية على التمويل الأمريكي لدعم برامجها الاجتماعية والصحية، بالإضافة إلى تمويل اللاجئين والمشروعات التنموية. وكانت الإدارة الأمريكية قد أعلنت إلغاء أكثر من 90% من عقود المساعدات الخارجية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، إلى جانب تخفيض 60 مليار دولار من المساعدات الخارجية حول العالم.
أدى هذا القرار إلى إيقاف آلاف البرامج التنموية التي كانت تموّلها الوكالة في دول عديدة، مما أسفر عن فقدان مئات المتعاقدين مع الوكالة لوظائفهم، حيث تلقوا إخطارات بالفصل أو الإجازات القسرية. كما أغلقت إدارة ترامب المقر الرئيسي للوكالة في واشنطن، مما أثر بشكل مباشر على برامج التنمية في أفريقيا وغيرها من المناطق التي كانت تعتمد على هذه المساعدات.
ووفقًا لمذكرة داخلية، فقد جاءت هذه الخطوة بعد مراجعة استمرت 90 يومًا أمر بها ترامب لمراجعة جميع الأموال المقدمة من وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بهدف تقليص حجم الدعم الخارجي بما يتماشى مع سياسة “أمريكا أولًا”. ونتيجة لذلك، توقفت العديد من البرامج التنموية والصحية في أفريقيا، مما دفع بعض المراكز الصحية إلى الإغلاق بسبب نقص التمويل، كما واجهت الدول المضيفة للاجئين صعوبات متزايدة في تلبية احتياجاتهم الأساسية.
وفي هذا السياق، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، والذي يعتمد بشكل كبير على التمويل الأمريكي، عن إغلاق مكتبه في جنوب القارة الأفريقية بسبب القيود المالية. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة كانت تساهم بحوالي نصف التبرعات السنوية لبرنامج الأغذية العالمي، إلا أن تقليص المساعدات الخارجية أثر بشكل مباشر على عملياته.
وفي تصريح للمتحدث الإقليمي تومسون فيري، أوضح أن الوكالة ستدمج عملياتها في شرق وجنوب أفريقيا، بحيث تتم إدارتها من نيروبي. وأكد فيري أن الهدف هو تعظيم الموارد المخصصة للعاملين في الخطوط الأمامية، إلا أنه امتنع عن ربط القرار بشكل مباشر بخفض ترامب للمساعدات، مشيرًا إلى أن “آفاق تمويل المانحين أصبحت أكثر تقييدًا”.
تأثير خفض المساعدات الأمريكية
وفي سياق متصل، أدت هذه التخفيضات إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في مخيم كاكوما للاجئين في شمال غرب كينيا، حيث اندلعت مظاهرات واسعة النطاق مساء الاثنين، احتجاجًا على نقص الغذاء والمياه، مما دفع الشرطة إلى استخدام الرصاص لتفريق المتظاهرين، وفقًا لوسائل إعلام محلية. ويُعد مخيم كاكوما من أكبر مخيمات اللاجئين في العالم، حيث يضم حوالي 200 ألف لاجئ وطالب لجوء من جنوب السودان وإثيوبيا والصومال.
وقالت ماما كاييمبي، وهي لاجئة كونغولية في المخيم، إن خفض المساعدات أثر بشدة على حياة اللاجئين، مشيرة إلى نقص الغذاء والأدوية، وتأخر دفع أجور العمال، وفرض رسوم على التعليم. وأضافت أن السكان المحليين يلقون باللوم على ترامب في تدهور الأوضاع داخل المخيم.
وفي السودان، كشف مدير الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية في غرب دارفور، ضو البيت آدم يعقوب، عن توقف أكثر من 24 مركزًا صحيًا في الولاية بسبب توقف الدعم الأمريكي. وأوضح أن توقف التمويل أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث ناشد وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الأجنبية تقديم الدعم لسد الفجوة الكبيرة في الخدمات الصحية.
كما أعلنت وزارة الصحة في وسط دارفور عن خروج 30 مرفقًا صحيًا عن الخدمة نتيجة نقص التمويل، فيما أفادت منظمة الصحة العالمية أن تجميد التمويل الأمريكي أثر على 335 مرفقًا صحيًا، منها 57 مرفقًا في إقليم دارفور، الذي يتحمل عبئًا غير متناسب في تقديم الخدمات الصحية، نظرًا لارتفاع أعداد النازحين والمجتمعات المتضررة.
وتشير التقارير إلى أن 79% من سكان دارفور يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، في ظل تفاقم الأوضاع الصحية والمعيشية. ومع غياب مصادر تمويل بديلة، يخشى المراقبون من خروج الوضع عن السيطرة في العديد من المناطق التي تعتمد بشكل أساسي على المساعدات الأمريكية.