سجن صدنايا: جحيم على الأرض
كتب_علي العربي
هروب بشار الأسد وسقوط نظامه: شواهد على جرائم لا تُغتفر
في لحظة فارقة من تاريخ سوريا الحديث، تصدرت الأنباء خبر هروب بشار الأسد من العاصمة دمشق، لتتوالى بعدها مشاهد انهيار نظام حكمه الذي استمر لعقود من القمع والاستبداد. ومع هذا السقوط المدوي، ظهرت إلى العلن حقائق صادمة عن الجرائم التي ارتكبتها أجهزته الأمنية بحق الشعب السوري، حيث تحولت المعتقلات، وعلى رأسها سجن صدنايا، إلى رموز للرعب والدموية.
سجن صدنايا: جحيم على الأرض
وُصف سجن صدنايا بأنه “مسالخ بشرية”، حيث مارس النظام داخله أبشع أساليب القمع والتنكيل. الناجون الذين خرجوا من هذا الجحيم حملوا معهم قصصًا يشيب لها الولدان. شهاداتهم كشفت عن عمليات إعدام جماعية، وتعذيب وحشي باستخدام أساليب ممنهجة هدفها تحطيم أجساد المعتقلين ونفوسهم.
يحكي أحد الناجين:
“كنا نُجبر على الوقوف لساعات طويلة بلا حركة، في درجات حرارة متجمدة. كنا نسمع صرخات المعتقلين تُزهق أرواحهم. كل لحظة كانت مرعبة، كأننا ننتظر دورنا في الموت.”
جرائم مكتشفة بعد السقوط
مع سقوط النظام، تمكنت منظمات حقوق الإنسان والصحفيون من الوصول إلى أماكن لم تكن معروفة سوى للمخابرات وأجهزة الأمن. عُثر على مقابر جماعية تضم آلاف الجثث، بعضها يحمل علامات واضحة للتعذيب والتنكيل. تقارير الطب الشرعي أكدت استخدام أدوات حادة، وكيّ بالنار، وأشكال أخرى من التعذيب.
صور “قيصر”، التي وثّقت جثث آلاف المعتقلين، كانت شاهدة على جرائم حرب ممنهجة ارتكبها النظام. وجدت الصور طريقها إلى المحاكم الدولية، وأصبحت أدلة دامغة تدين كل من تورط في هذه المآسي.
معاناة الشعب: جرح غائر لا يندمل
المشهد في سوريا تجاوز المعاناة الفردية للمعتقلين إلى مأساة وطن بأكمله. النزوح الجماعي، تدمير المدن، وانهيار الاقتصاد ترك الشعب السوري يواجه مستقبلاً غامضًا. مشاهد الأمهات يبكين على أبنائهن المفقودين، والأطفال الذين وُلدوا في المخيمات، تظل شاهدة على حجم الكارثة الإنسانية التي حلّت بالبلاد.
أمل رغم الجراح
ورغم كل هذه البشاعة، يحمل السوريون أملاً في بناء وطن جديد يقوم على العدالة والمساواة. شهادات الناجين، التي تم توثيقها بعناية، ستكون الأساس لمحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم، ولتذكير العالم بأن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت.
سقوط نظام بشار الأسد ليس مجرد نهاية لحكم مستبد، بل هو بداية رحلة طويلة نحو الحقيقة والمحاسبة. سوريا اليوم تحتاج إلى العالم أكثر من أي وقت مضى، لكي تضمن أن هذه الجرائم لن تتكرر، ولكي يعود لشعبها حقه في الحياة بكرامة.