اعتقال نتنياهو
كتب: ناهد محمد
يقدم نتنياهو وباقى القادة الإسرائيليين فى كل يوم أدلة جديدة على جرائم الحرب التى يرتكبونها ضد شعب فلسطين.. ويؤكدون باستمرار مجازرهم اليومية أن التأخر فى إنجاز العدالة الدولية لم يعد ممكناً، وأنه لا مبرر على الإطلاق لتأخر قضاة المحكمة الجنائية الدولية حتى الآن فى إصدار مذكرة الاعتقال الدولية بحق «نتنياهو» ووزير دفاعه «جالانت» باعتبارهما مجرمى حرب متهمين بالإبادة الجماعية لشعب فلسطين!!.
ولسنا وحدنا الذين يرقبون هذا التأخر فى إصدار مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت «ومعهما من حماس قائدها السنوار» ولكن المدعى العام للمحكمة كريم خان «يشاركنا القلق» ويطلب من قضاة المحكمة سرعة إصدار القرار، مؤكدا أن أى تأخير غير مبرر يؤثر على حقوق الضحايا، ومؤكدا على اختصاص المحكمة الراسخ فى نظر القضية، ورافضنا الحجج «القانونية» الزائفة التى أٌثيرت لتعطيل المحاكمة ومنع صدور مذكرات الاعتقال التى يراها «كريم خان» ضرورية.. لمنعهم من الاستمرار فى ارتكاب الجريمة أو ما يماثلها من جرائم الحرب!
لقد رأى العالم كله كيف تعرض قضاة المحكمة للضغوط والتهديدات فى هذه القضية، وتابع العالم الوعيد العلنى من الكونجرس الأمريكى بمعاقبة القضاة إذا أدانوا إسرائيل أو طلبوا اعتقال نتنياهو!
وتابع العالم المدعى العام «كريم خان» وهو يصرح بأنه شخصياً تعرض للتهديد من جانب رؤساء دول «!!» لمنعه من المضى فى القضية.. كما تابع العالم المحاولة التى بدأتها بريطانيا «فى عهد الحكومة السابقة» لتعطيل المحاكمة بالدفع بعدم اختصاصها بنظر القضية، ورغم قيام الحكومة العمالية الجديدة فى بريطانيا بسحب طلبها فى هذا الشأن، فقد استمرت المحاولة بضغط أمريكى وبطلبات من عدة حكومات منها: ألمانيا وإيطاليا تكرر نفس المطلب تحت زعم أن اسرائيل هى المختصة بالنظر فى جرائم الحرب التى ترتكبها، وهو ما تم الرد عليه قانونياً لنصل الى مرحلة لم يعد فيها أى مبرر لتأخير إصدار مذكرتى الاعتقال ضد نتنياهو وجالانت كما أكد المدعى العام للمحكمة.
ومع ذلك لم تتوقف الضغوط على المحكمة، ولم تتوقف محاولات مجرم الحرب نتنياهو لتعطيل إصدار مذكرة اعتقاله، وآخر ما تم الكشف عنه هو مطالبته للمستشارة القضائية للحكومة بفتح تحقيق داخلى لتعطيل قرار اعتقاله دولياً، وهو ما رفضته المستشارة بأنه مجرد تحايل وتزييف لا يمكن الأخذ به، ويخشى نتنياهو من صدور قرار المحكمة الدولية خلال أيام وقبل مشاركته المتوقعة فى اجتماعات الأمم المتحدة كما يخطط، ويعرف نتنياهو بالطبع أن أمريكا «ودولا غربية أخرى» لن تنفذ أمر اعتقاله، إذا أصدر من المحكمة الدولية، لكن وجود مجرم حرب مطلوب اعتقاله على منصة الأمم المتحدة يبدو أمراً مستحيلاً، واستقبال أى دولة من الدول الموقعة على اتفاقية المحكمة أو حتى غير الموقعة سيكون أمراً شائناً لها حتى لو لم تمتلك المحكمة القوة التنفيذية لأحكامها.
الجهد العربى مطلوب من أجل سرعة إصدار المحكمة لقرارها والتحرك الدولى مطلوب لفضح الضغوط التى تٌمارس على القضاء الدولى والتهديدات التى تٌوجه للقضاة الدوليين من دول كبرى تدعى أنها تحرس العدالة الدولية وتؤمن بأن القانون لابد أن يسود، لكنها للأسف الشديد- تتخلى عن ذلك كله حين يتعلق الأمر بحقوق فلسطين وجرائم إسرائيل «!!» لم يعد ممكناً أن يقف العالم متفرجاً على دول كبرى وهى تضغط على العدالة الدولية لتكون فى خدمة أهدافها فقط ولم يعد مقبولا أن برلمان القوة الأعظم يهدد القضاة الدوليين بالعقوبات إذا أدانوا دولة الإرهاب الإسرائيلية، على جرائم الحرب التى تقوم بها «!!».
حماية العدالة الدولية هى قضية العالم كله، وحماية مجرمى الحرب جريمة لا يمكن التسامح معها، سرعة إصدار مذكرة الاعتقال الدولية بحق نتنياهو «ووزير دفاعه» ستكون إعلاناً بأن العالم مازال قادراً على حماية العدالة الدولية، والعكس صحيح، وخطير لدرجة لا يمكن أن يقدرها هؤلاء الذين استقبلوا مجرم الحرب فى الكونجرس وتسابقوا فى الترحيب به، ولا الذين يسعون لاستقباله فى الأمم المتحدة واستئجار من يملأون المقاعد الخالية ويشاركون فى عار أن يتحدث مجرم حرب على منصة السلام الشهيد.
اعتقال نتنياهو.