الجمهورية توداي
جريدة شبابية مستقلة

- اعلانات الجمهورية اليوم -

- اعلانات الجمهورية اليوم -

بين “الكاف” و”الكاف”رسمت سايكس–بيكو لتوزيع مقدرات الأمة ومصيرها.

كتبت:سوهندا يوسف.

 

 

تحل اليوم الذكرى 107 لتوقيع اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا لتقسيم الدول العربية الواقعة شرقي البحر المتوسط، التي كانت ضمن أراضي الإمبراطورية العثمانية التي وصفت حينها ب”الرجل المريض”.

 

منحت اتفاقية سايكس – بيكو في العام 1916 الأراضي العربية (وبعض الأراضي التركية والكردية) التابعة للإمبراطورية العثمانية بين بريطانيا وفرنسا كما توقعت نظاماً دولياً للأراضي المقدسة , وأعطي مؤتمر سان ريمو عصبة الأمم في 1920 موافقته على الحدود التي رسمتها فرنسا وبريطانيا في وقتٍ لاحق كحدود نهائية.

اتفاقيه” سايكس -بيكو “16 مايو 1916

 

فكانت البداية في السادس عشر من مايو 1916، جرى تقسيم العالم العربي، وهو ضمن أملاك الخلافة العثمانية، إلى مناطق نفوذ بين بريطانيا العظمى وفرنسا، ورسم حدود جغرافية بعيدًا عن أي اعتبار للبعد الطائفي والديني والعشائري والقبلي، وقد جرى التوصل إلى هذه الاتفاقية بعد محادثات بين السياسي الإنجليزي “مارك سايكس ” وكان عضوًا في مجلس العموم ومقربًا من “ونستون تشرشل” عضو وزارة الحرب البريطانية في أثناء الحرب العالمية الأولى، وأمامه على المائدة السفير” فرانسو بيكو ” وهو دبلوماسي فرنسي اهتم بالمشرق العربي، واعتبر أن لفرنسا حقا في الشام، ولا يصح أن ينازعها عليه أحد، وكان هدف محادثات الرجلين ترتيب توزيع الإرث، وانفراد الحليفين الكبيرين بالإرث العثماني في العالم العربي قبل نهاية الحرب، وفي غفلة من كل الأطراف الدوليين، خصوصا الكبار وبينهم الولايات المتحدة الأمريكية.

 

 

وبعد اتصالات ومحادثات واجتماعات بين الرجلين في لندن مرات، وفي باريس مرات أخرى توصل الاثنان إلى خريطة توزيع العالم العربي نصفين، نصف يؤول إلى بريطانيا، ونصف يؤول إلى فرنسا، وقد استقرا في النهاية على خط تقسيم الخريطة بين عكا على البحر الأبيض، وكركوك شمال الموصل وشمال الخليج، ليكون أساس توزيع الإرث بعد هزيمة دولة الخلافة وحلفائها، وقد سمى الرجلان ما رسما بخط ما بين “الكاف” و’الكاف”، إشارة إلى حرف الكاف في “عكا” وحرف الكاف في “كركوك”.

اتفاقيه سايكس -بيكو- وتقسيم الوطن العربي

- اعلانات الجمهورية اليوم -

وجنوب هذا الخط كتب “سايكس”بيده على الخريطة: نصيب بريطانيا، وعلى شمالها كتب بيده أيضًا: نصيب فرنسا، وبمقتضى الخريطة كانت فلسطين والخليج والعراق الجنوبي والأوسط من نصيب بريطانيا، إلى جانب مصر والسودان من قبل، وبمقتضى الاتفاقية أيضًا كان إقليم الشام: سوريا ـ لبنان لفرنسا، إلى جانب المغرب العربي: تونس والمغرب والجزائر من قبل، وهكذا جرى تقسيم الوطن العربي إلى مناطق نفوذ بين بلديهما ورسم حدود جغرافية جديدة!

 

 

 

وبعض الوثائق الملحقة باتفاقية “سايكس بيكو” الأولى مروعة، فيها بالتحديد محضر جلسة جمعت بين رئيس وزراء بريطانيا لويد جورج، ورئيس فرنسا كليمنسو، كان الاجتماع في قصر “لانكستر” وسط لندن، وتاريخه بالضبط أول ديسمبر الأول 1917، وقد دار بين رئيس الوزراء البريطاني، ونظيره الفرنسي حوار حول اتفاقية “سايكس بيكو” وكانت مطروحة عليهما، مع رغبة ملحة في ضرورة تعزيز التفاهم بين الحليفين الكبيرين: بريطانيا وفرنسا!

 

ووجّه رئيس وزراء فرنسا “كليمنسو” سؤالًا إلى رئيس وزراء بريطانيا لويد جورج: “صارحني يا صديقي بما تريد تحقيقة، حتى لا تظل بيننا في ما بعد شبهة خلاف” ويرد جورج: “مطلبي هو العراق وفلسطين”، ويسأله رئيس الوزراء الفرنسي: “هل هذا كل شيء؟! قل لي ولا تخفي عني”، ويتردد رئيس الوزراء البريطاني، ثم يقول على استحياء: “أريد القدس”.. وكانت القدس على الخريطة الأولى قد تركت لترتيبات دولية لاحقة، رغم أن فلسطين كلها كانت من نصيب بريطانيا، ويقول رئيس وزراء فرنسا: “حسنًا، سوف أترك لك القدس! ولكن هل هذه هي نهاية مطالبك، نريد إنهاء كل أسباب الخلاف بيننا، أسألك: هل القدس آخر الطلبات ؟ “.

- اعلانات الجمهورية اليوم -

اتفاقيه سايكس -بيكو.1916

ثم يكرر السؤال: قل لي بحق صداقتنا هل لديك شيء لم تقله لي؟! ويرد رئيس وزراء بريطانيا وهو يتنهد تعبيرًا عن الحرج: بصراحة نعم، وكذلك أريد الموصل “كانت الموصل حتى تلك اللحظة موضوعًا معلقًا في انتظار نهاية الحرب”.. ويتنهد رئيس وزراء فرنسا كأنه يضيف بالصبر مكرمة جديدة، ويقول لرئيس وزراء بريطانيا: خذ الموصل….

 

 

بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وإطباق بريطانيا على أراضي فلسطين والعراق، تخلت بريطانيا عن فكرة تقسيم أملاك السلطنة وفق مخطط سايكس بيكو، واستبدلت بها نظام الانتداب الذي أقره مؤتمر “سان ريمو” بفرنسا في الـ26 من إبريل 1920 بهدف تحديد مصير ولايات المشرق العربي المحتلة.

 

ومع نهاية الحرب العالمية الأولى لم يبق من اتفاق سايكس بيكو عمليًّا سوى الترسيم المبدئي لحدود لبنان والعراق والأردن وفلسطين.

اتفاقيه سايكس بيكو 1916

 

وبقي الاستعمار الفرنسي البريطاني حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939 مهيمنًا في بلدان المشرق متسلحًا بسلطة الانتداب الممنوحة له من عصبة الأمم في مؤتمر لندن عام 1922 مع استثناءات في اليمن والسعودية والأردن، وارتبطت مصر والعراق مع بريطانيا بمعاهدات حدت عمليًّا من استقلالهما إلى حين الإطاحة بالأنظمة الملكية فيهما تباعًا عامي 1952 و1958.

مع تراجع دور الإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية عالميًّا لصالح الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، انتقلت بريطانيا في الستينيات والسبعينيات إلى تصفية وجودها في شبه الجزيرة العربية، فانسحبت من الكويت عام “1965” ومن محمية عدن عام” 1967″، وتلتها ترتيبات مماثلة في مسقط وعمان “1970” وقطر والإمارات والبحرين “1972”.

ومنذ ذلك التاريخ لم تشهد دول الوطن العربي تغييرًا يذكر في حدودها إلا بعد توحيد شطري اليمن عام “1990”.

 

ولا يزال سيناريو “سايكس -بيكو” وتقسيم الوطن العربي والاستيلاء على موارده وثرواته مستمر ولكن في ثوباً جديداً طبقاً المقتضيات ولمتغيرات الحديثة فكان سابقاً تدمير الدول بإستعمارها والاستيلاء عليها ولكن مع تطور الحياة والتكنولوجيا الحديثة أصبح للدمار شكلاً آخر بإثارة الفتن الداخلية والمطامع المادية والصراع على السلطة بين أبناء البلد الواحد فيقتل ويحارب بعضهم البعض وتصبح الشعوب في حالة من الضعف في جميع جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية إلا جانب استنزاف مواردها ونهبها والحد من نهضتها وتقدمها وخير دليل ما نراه الآن في اليمن السعيد وبلاد الرافدين و اخيرا المشهد السوداني وما يحدث فيه .

 

 

- اعلانات الجمهورية اليوم -

- اعلانات الجمهورية اليوم -

- اعلانات الجمهورية اليوم -

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.