كتبت: هاجر صبري شيحة
محمد الأغا.. قصة الشاب الطموح وشهبندر التجار
منذ سنة -1995
محمد الأغا عنا بالأمس شخصية من الشخصيات المميزة في مجال التجارة والأعمال في مصر، وهو “محمد الأغا” مؤسس شركة الأغا 1995 ومؤسس مجموعة الأغا 2013 ومصانع الأغا بمحافظة قنا المدينة الصناعية ورئيس مجلس إدارتها ونموذج من نماذج النجاح المُشرفة التي يُحتذى بها في مجال الأعمال.
لم يكن “محمد الأغا” من عائلة ثرية أو مالكة من أصول تركيا لشركات، لكنه لم ينظر إثراء والدة ثروة وإنما ينظر لنفسة، ومؤسسة ضخمة يعمل بها أكثر من 50 ألف موظف، واستحق بجدارة لقب “شهبندر التُجار” واحترام كل من عرفه من قريب أو بعيد.
قصة هذا الرجل، من القصص المُلهمة التي لا تقل عن قصص نجاح المشاهير مثل جيف بيزوس, وإيلون ماسك، فنحن هنا أمام طفل من مدينة قوص التابعة لمحافظة قنا بدأ تجارته في الصغر ببيع الألعاب النارية والبالونات في عيد الفطر، شأنه شأن الكثير من المحال الصغيرة في القُرى المصرية حتى الآن، لكن طموح “محمد الأغا” كان أبعد من حياة مدينة قوص الصغيرة.
ويحكي الراحل في كتابه “سر حياتي” أنه كان يوفر 10 أو 20 قرشا من مصروفة اليومي سنويا ليعطيها لخالة الأكبر الذي كان يعمل في محل أدوات منزلية، ليجلب له بضاعة من هُناك قبل عيد الفطر، وكان يتكسّب من وراء بيعها 15 قرشا.
- اعلانات الجمهورية اليوم -
محمد الأغا .. قصة الشاب الطموح وشهبندر التجار!
وبالفعل بداء حياتة في سن الثامنة من عمرة وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، وبدأ في العمل بمصنع بمحل أدوات منزلية، لكنه سرعان ما تركه بعد أقل من شهر، وانتقل للعمل في محل بحي الحُسيني وكان راتبه 50 قرشاً في اليوم واستمر في ذلك المحل حتى عام 1991 ووصل راتبه حينها إلى 4 جنيه.
لكن الشاب الطموح أراد أن يتعلم المزيد، فقرر الانتقال من محل القطاعي الذي كان يعمل به إلى محل جُملة لتعلم المزيد من أساسيات التجارة وظل في ذلك المحل لمدة عامين كامل، بدأها براتب 4 جنيهات، واستمر حتى وصل راتبه إلى 7 جنيهاً وهو مبلغ كبير وقتها.
أول مشروع مُستقل
وفي عام 1993 كان لدى الشاب الناضج ما يكفي من المعرفة والطموح ليشق طريقه بنفسه ويبدأ رحلة عمله المُستقل، ولم يكن لديه ما يكفي من المال ليبدأ تجارته، فقام هو وصديق له بمشاركة شخص ثالث لديه المال، وهما بالمجهود وبالفعل أصبح لدى “محمود” أول محل بمنطقة “الموسكي” بالقاهرة. وكان رأس مال المحل وقتها 5 آلاف جنيه مصري.
محمد الأغا
وفي مشهد من المشاهد التي لا نراها سوى في الدراما المصرية، لكننا هنا نتحدث عن أحداث واقعية، مرض الشريك الثالث صاحب رأس المال بعد ثلاث أيام من بداية العمل، وكذلك مرض صديقه لمدة عامين، وهنا ظهر معدن الشاب الريفي الأصيل الذي أدار المحل بمفرده كان حريصاً على أن يُعطي شُركائه حقهم.
حقق “محمد الأغا” من محله الصغير أرباحاً عالية، وبعد فترة حدث خلاف بين الشُركاء وانفضت الشراكة، وكانت هذه النهاية هي نقطة انطلاق رحلة “محمد الأغا” الحقيقية التي لم يوقفها شيئ سوى الموت.
- اعلانات الجمهورية اليوم -
اشترى الرجل الطموح محله الخاص به، وجلب أخوته للعمل معه، وكانت تجارته تقوم على الأدوات المكتبية والمدرسية، وسارت الأمور على وجه جيد حتى قررت الحكومة أن تصرف الأدوات المدرسية مجاناً للطُلاب فكانت ضربة موجعة لتجارة محمد الأغا.
لكن، رُب ضارة نافعة، أزمة تجارة الأدوات المدرسية جعلت العربي يتجه لمجال الأجهزة الكهربائية الذي استمر فيه .
في ذلك الوقت كانت الأجهزة الكهربائية مثل التلفزيون والراديو والكاسيت في بداية انتشارها المُوسع داخل مصر، ومع “الانفتاح الاقتصادي” الذي شهدته الدولة ، وجد رجل الأعمال الصغير فرصته الذهبية في التوسع في تجارته.
حصول “محمد الأغا” على وسام الشمس المشرقة من الحكومة اليابانية وفي عام 2022 له قصة لطيفة، توضح أن لكل مُجتهد نصيب، كان محمد الأغا يريد الحصول على توكيل لإحدى الشركات العالمية، وكان يتردد على محل من محلاته للأدوات المكتبية أحد الدارسين بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهو شاب ياباني يعمل لدى شركة “توشيبا” اليابانية، وتعرف على محمد الأغا بشكل شخصي، وساعده على الحصول مصانع الأغا.
حيث كتب الشاب تقريراً لشركته، أكد فيه أن محمد الأغا أفضل من يُمثل مصانع في مصر، فوافقت الشركة وبدأت رحلة “محمد الأغا “.
محمد الأغا
لكن الجزء الأكثر تميزاً في رحلة محمد الأغا لم يأت بعد، فمصانع محمد الأغا بأيدي مصرية كانت الإنجاز الحقيقي الذي نفتخر بوجوده على أرض مصر.
في عام 1994 زار محمد الأغا اليابان وشاهد مصانع ضخمة في مسقط رأسها، وقتها طلب إنشاء مصنع لتصنيع الأأجهزة الكهربائية في مصر، وهو ما تم فعلا، على أن يكون المكون المحلي من الإنتاج 43% رفعت لاحقا إلى 50% ثم 75% حتى وصلت إلى 96%، ومع تطور الإنتاج أنشأ شركة “شركة الأغا” عام 1995.
منذ ذلك التاريخ بدأت قصة نجاح محمد الأغا التي لا تخف على أي مصري، وتًصدر مُنتجاتها إلى أكثر من 60 دولة حول العالم تحت شعار “صُنع في مصر”، ويصل عدد العاملين بها أكثر من 40 ألف عامل ومهندس وإداري، وكان الراحل يأمل أن يصلوا إلى 100 ألف.
وفي عام 2022، منحت الحكومة اليابانية وسام الشمس المشرقة رجل الأعمال المصري محمد الأغا عضوا بمجلس إدارة “شركة الأغا”،ومؤسس مجموعة ومنح إيضآ .
محمد الأغا
وأعلنت شركة الأغا ،ومجموعة الأغا “محمد الأغا”، هو نموذجا مُشرفا للعطاء وحب الناس، ومحل تقدير واحترام كل المصريين، وكان لنا نعم الأخ والقائد الراشد الذي ستبقى سيرته العطرة وريادته في مجال التجارة والصناعة نموذجا فريدا تقتدي به الأجيال المقبلة، وأعماله الخيرية والإنسانية حاضرة في الوجدان”.
خرج من كلية طب ولم يكمل “محمد الأغا” حصل على أعلى الأوسمة وحصل على أرفع وسام ياباني (وسام الشمس المشرقة) من الإمبراطور الياباني أكيهيتو في مايو 2022 لدوره في دعم وتحسين العلاقات الاقتصادية المصرية اليابانية.وفي مارس 2023 ، حصل على وسام زهور بولونيا .
- اعلانات الجمهورية اليوم -